Sep 29, 2012

إشتاق الوليد بن يزيد إلى معبد، فوجه إليه إلى المدينة فأحضر



روى صاحب كتاب الأغانى

قال

سمعت القاري بن عدي يقول: إشتاق الوليد بن يزيد إلى معبد، فوجه إليه إلى المدينة فأحضر. وبلغ الوليد قدومه، فأمر ببركة بين يدي مجلسه فملئت ماء ورد قد خلط بمسك وزعفران، ثم فرش للوليد في داخل البيت على حافة البركة، وبسط لمعبد مقابله على حافة البركة، ليس معهما ثالث، وجيء بمعبد فرأى سترا مرخى ومجلس رجل واحد. فقال له الحجاب: يا معبد، سلم على أمير المؤمنين واجلس في هذا الموضع؛ فسلم فرد عليه الوليد السلام من خلف الستر، ثم قال له: حياك الله يا معبد أتدري لم وجهت إليك? قال: الله أعلم وأمير المؤمنين. قال: ذكرتك فأحببت أن أسمع منك. قال معبد: أأغني ما حضر أم ما يقترحه أمير المؤمنين? قال: بل غنني: 

مازال يعدو عليهم ريب دهرهم حتى تافنوا وريب الدهر عداء 

فغناه، فما فرغ منه حتى رفع الجواري السجف، ثم خرج الوليد فألقى نفسه في البركة فغاص فيها ثم خرج منها، فاستقبله الجواري بثياب غير الثياب الأولى، ثم شرب وسقى معبدا، ثم قال له: غنني يا معبد: 

يا ربع مالك لا تجيب متيمـا قد عاج نحوك زائرا ومسلما 

جادتك كل سحـابة هـطـالة حتى ترى عن زهرة متبسما 

لو كنت تدري من دعاك أجبته وبكيت من حرق عليه إذا دما 

قال: فغناه، وأقبل الجواري فرفعن الستر، وخرج الوليد فالقى نفسه في البركة فغاص فيها ثم خرج، فلبس ثيابا غير تلك، ثم شرب وسقى معبدا، ثم قال له: غنني. فقال: بماذا يا أمير المؤمنين? قال غنني: 

عجبت لما رأتـنـي أندب الربع المحيلا 

واقفا في الدار أبكي لا أرى إلا الطلولا 

كيف تبكي لأنـاس لا يملون الذمـيلا? 

كلما قلت اطمأنـت دارهم قالوا الرحيلا 

قال: فلما غناه رمى نفسه في البركة ثم خرج، فردوا عليه ثيابه، ثم شرب وسقى معبدا، ثم أقبل عليه الوليد فقال له: يا معبد، من أراد أن يزداد عند الملوك حظوة فليكتم أسرارهم. فقلت: ذلك ما لا يحتاج أمير المؤمنين إلى إيصائي به. فقال: يا غلام، احمل إلى معبد عشرة آلاف دينار تحصل له في بلده وألفي دينار لنفقة طريقه، فحملت إليه كلها، وحمل على البريد من وقته إلى المدينة. 

المصدر: كتاب الأغانى لأبى الفرج الأصفهانى 

No comments:

Post a Comment