May 20, 2012



روى الطبرى قال

بعث علي عماله على الأمصار فبعث عثمان بن حنيف على البصرة وعمارة بن شهاب على الكوفة وكانت له هجرة وعبيد الله بن عباس على اليمن وقيس بن سعد على مصر وسهل بن حنيف على الشأم فأما سهل فإنه خرج حتى إذا كان بتبوك لقيته خيل فقالوا من أنت قال أمير قالوا على أي شيء قال على الشأم قالوا إن كان عثمان بعثك فحيهلا بك وإن كان بعثك غيره فارجع قال أوما سمعتم بالذي كان قالوا بلى فرجع إلى علي وأما قيس بن سعد فإنه لما انتهى إلى أيلة لقيته خيل فقالوا من أنت قال من فالة عثمان فأنا أطلب من آوي إليه وأنتصر به قالوا من أنت قال قيس بن سعد قالوا امض فمضى حتى دخل مصر فافترق أهل مصر فرقا فرقة دخلت في الجماعة وكانوا معه وفرقة وقفت واعتزلت إلى خربتا وقالوا إن قتل قتلة عثمان فنحن معكم وإلا فنحن على جديلتنا حتى نحرك أو نصيب حاجتنا وفرقة قالوا نحن مع علي ما لم يقد إخواننا وهم في ذلك مع الجماعة وكتب قيس إلى أمير المؤمنين بذلك وأما عثمان بن حنيف فسار فلم يرده أحد عن دخول البصرة ولم يوجد في ذلك لابن عامر رأي ولا حزم ولا استقلال بحرب وافترق الناس بها فاتبعت فرقة القوم ودخلت فرقة في الجماعة وفرقة قالت ننظر ما يصنع أهل المدينة فنصنع كما صنعوا وأما عمارة فأقبل حتى إذا كان بزبالة لقيه طليحة بن خويلد وقد كان حين بلغهم خبر عثمان خرج يدعو إلى الطلب بدمه ويقول لهفي على أمر لم يسبقني ولم أدركه ... يا ليتني فيها جذع ... أكر فيها وأضع ... 

فخرج حين رجع القعقاع من إغاثة عثمان فيمن أجابه حتى دخل الكوفة فطلع عليه عمارة قادما على الكوفة فقال له ارجع فإن القوم لا يريدون بأميرهم بدلا وإن أبيت ضربت عنقك فرجع عمارة وهو يقول احذر الخطر ما يماسك الشر خير من شر منه 

فرجع إلى علي بالخبر وغلب على عمارة بن شهاب هذا المثل من لدن اعتاصت عليه الأمور إلى أن مات وانطلق عبيد الله بن عباس إلى اليمن فجمع يعلى بن أمية كل شيء من الجباية وتركه وخرج بذلك وهو سائر على حاميته إلى مكة فقدمها بالمال ولما رجع سهل بن حنيف من طريق الشأم وأتته الأخبار ورجع من رجع دعا علي طلحة والزبير فقال إن الذي كنت أحذركم قد وقع يا قوم وإن الأمر الذي وقع لا يدرك إلا بإماتته وإنها فتنة كالنار كلما سعرت ازدادت واستنارت فقالا له فأذن لنا أن نخرج من المدينة فإما أن نكابر وإما أن تدعنا فقال سأمسك الأمر ما استمسك فإذا لم أجد بدا فآخرالدواء الكي 

وكتب إلى معاوية وإلى أبي موسى وكتب إليه أبى موسى بطاعة أهل الكوف وبيعتهم وبين الكاره منهم للذي كان والراضي بالذي قد كان ومن بين ذلك حتى كأن عليا على المواجهة من أمر أهل الكوفة وكان رسول علي إلى أبي موسى معبد الأسلمي وكان رسول أمير المؤمنين إلى معاوية سبرة الجهني فقدم عليه فلم يكتب معاوية بشيء ولم يجبه ورد رسوله وجعل كلما تنجز جوابه لم يزد على قوله ... أدم إدامة حصن أو خدا بيدي ... حربا ضروسا تشب الجزل والضرما ... في جاركم وابنكم إذ كان مقتله ... شنعاء شيبت الأصداغ واللمما ... أعيا المسود بها والسيدون فلم ... يوجد لها غيرنا مولى ولا حكما ... 

وجعل الجهني كلما تنجز الكتاب لم يزده على هذه الأبيات حتى إذا كان الشهر الثالث من مقتل عثمان في صفر دعا معاوية برجل من بني عبس ثم أحد بني رواحة يدعى قبيصة فدفع إليه طومارا مختوما عنوانه من معاوية إلى علي فقال إذا دخلت المدينة فاقبض على أسف الطومار ثم أوصاه بما يقول وسرح علي وخرجا فقدما المدينة في ربيع الأول لغرته فلما دخلا المدينة رفع العبسي الطومار كما أمره وخرج الناس ينظرون إليه فتفرقوا إلى منازلهم وقد علموا أن معاوية معترض ومضى حتى يدخل على علي فدفع إليه الطومار ففض خاتمه فلم يجد في جوفه كتابة فقال للرسول ما وراءك قال آمن أنا قال نعم إن الرسل آمنة لا تقتل قال ورائي اني تركت قوما لا يرضون إلا بالقود قال ممن قال من خيط نفسك وتركت ستين ألف شيخ يبكي تحت قميص عثمان وهو منصوب لهم قد ألبسوه منبر دمشق فقال مني يطلبون دم عثمان ألست موتورا كترة عثمان اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان نجا والله قتلة عثمان إلا أن يشاء الله فإنه إذا أراد أمرا أصابه اخرج قال وأنا آمن قال وأنت آمن فخرج العبسي وصاحت السبئية قالوا هذا الكلب هذا وافد الكلاب اقتلوه فنادى يا آل مضر يا آل قيس الخيل والنبل إني أحلف بالله جل اسمه ليردنها عليكم أربعة آلاف خصي فانظروا كم الفجولة والركاب وتعاووا عليه ومنعنه مضر وجعلوا يقولون له اسكت فيقول لا والله لا يفلح هؤلاء أبدا فلقد أتاهم ما يوعدون فيقولون له اسكت فيقول لقد حل بهم ما يحذرون انتهت والله أعمالهم وذهبت ريحهم فوالله ما أمسوا حتى عرف الذل فيهم

المصدر: تاريخ الطبرى

No comments:

Post a Comment